يقول الاباضية : ان الله واحد في ذاته وصفاته وان ذات الله وصفاته شيء واحد ولا يشاركه فيه شيء ما بأي حال من الاحوال وبأي وجه كان مع الاقرار والاعتقاد بأن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله.. اي : ان الله هو المالك الوحيد الخالق لهذا الكون والمدبر الوحيد الكامل لكل ما يقع من احداث وان محمد رسول الله خاتم الانبياء والرسل ورسالته حق على العالمين مع الالزام بتطبيقها واتباعها في هذه الحياة
الاصل الثاني : الصفات الالهية
يؤكد الاباضية بان صفات الكمال لله عزوجل وهي جوهره أي ذاته ، لكن المذاهب الكلامية الاخرى قد اختلفت في ماهية
الصفات الالهية فهل هي غير ذاته ؟
فالاشعرية ترى ان صفات الله غيره وهي قديمة بقدمه تعالى معنى هذا ان العلم صفة ثابتة قديمة من صفاته تعالى ولكنها ليست جوهره أي ذاته . فلايقال ان الله مريد بارادة وارادته ذاته ، اما الاباضية تقول : ان صفات الله هي عين ذاته والله قادر بذاته أي ان ذاته كافية في التأثير في جميع المقدورات ، فصفات الله عزوجل هي عين ذاته لأن الله قديم وصفة القديم مثله في القدم . فاذا كانت شيئًا غيره كان هناك قديمان أو اكثر وهو تصور يتنافى مع اصل التوحيد ولا يجوز اعتبار الصفات مستقلة محدثة اذ يصبح الله محتاج الى اعراض واجزاء ويغدو مركباً وهذا يتنافى ووحدانية الله
الاصل الثالث : الايمان
الاباضية يرون ان الدين والايمان والاسلام اسماء لشيء واحد وهو طاعة الله تعالى وتطبيق قواعد الاسلام تطبيقًا عمليًا لذا قيل في التوحيد عند الاباضية : ان قيل لك : ما قواعد الاسلام ؟ فقل: اربعة ،العلم والعمل والنية والورع . فالاسلام لايصح الا بهذه الاركان الاربعة ولايجوز الفصل بين القول والعمل.
القول هو :
الاقرار بالله انه لا اله الا هو وبمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي بانه عبدالله ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وختم به انبيائه وفضله على جميع خلقه ، والاتيان بجميع اركان الاسلام واجتناب جميع المحرمات والوقوف عند الشبهات ، فهذه الاصول تناقض رأي المرجئة التي ترى ان الايمان شيء واحد وان العمل شيء آخر ، فالايمان في زعمها هو التصديق بالقلب فقط الا ان الاباضية يؤكدون ان الايمان بدون تطبيق فرائض الاسلام لامعنى له والا اصبح فكرة جوفاء واما الاشعرية فترى الايمان : من اتى بالقول وضيع العمل وهذا الانسان تراه مسلمًا عاصيًا مذنبًا فليس بمشرك . اما الاباضية فتراه فاسقًا عاصيا موحدًا ولا يخرج عن ملة الاسلام وتجري علية احكام الاسلام والمسلمين .وقد اعتنقت المعتزلة والشيعة والزيدية راي الاباضية في هذا الاصل
الاصل الرابع: نفي رؤية الله عزوجل
عندما نفي الاباضية رؤية الله عزوجل .كان ذلك عن حق منهم فهم فتحوا باب الاجتهاد والتأويل معتمدين في ذلك على الادلة العقلية والنقلية لتدعيم النص القرآني المتشابه بالدليل اللغوي المتمثل في لغة العرب في الجاهلية .وهذا يؤكد سمو وعلو المستوى العقلي الذي يتمتع به الفكر الاباضي في فهم وادراك المجازات اللغوية والابتعاد عن الاتجاه التجسمي الذي لا يؤمن الا بما هو متصور ومحسوس وله نظير وشبيه في الواقع المادي . فالاباضية يرون في كتاب الله عزوجل ظاهرا وباطنا فقول الله عزوجل : "وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة " هذه الآية من المتشابهات يجب تأويلها لغويًا وعقليًا في آن واحد لأن اللغة هي الفكر فهي تحمل المعاني الفكرية ، ويفهم منها الرجاء وانتظار رحمة الله للدخول في الجنة بعد الفراغ من الحساب .ولايعني الرؤية بالابصار ثم ان هذه الآية تدعمها وتوافقها الآية الكريمة : " لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصار " وهذا الاستدلال العقلي والاجتهاد النظري يعد وسيلة لاثبات وتوكيد توحيد الله تعالى وتنـزيهه من كل شيء
اما الادله العقلية فتمثلت فيما يلي : لو امكنت رؤية الله تعالى لكان جسمًا ومتحيزًا وموجودًا في مكان ما امام حواسنا او كونه في حكم المقابلة كما في الرؤيه بالمرآة وكذلك عدم غاية القرب فإن المبصر اذا التصق بسطح البصر بطل ادراكه بالكلية ، فبعد هذه الادلة فإن الاباضية تجزم بامتناع رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة
الاصل الخامس :القدر
الاباضية اعطت للقدر مفهومًا اصيلاً يتمثل في القدرة المرتبطة بالمقدور بمعنى الكسب ،أي للانسان القدرة على الفعل والله عزوجل خلق فينا القدرة ولايحاسبنا على هذه القدرة بل ان الحساب ينصب على الاعمال التي اكتسبها الانسان اكتسابًا عن طريق جوارحه وارادته الحرة . كالمسلم الذي صام رمضان فأكل يومًا متعمدًا ، فإن ظاهرة الجوع والعطش أمر جبري من عند الله لأننا لايمكن أن نزيل دوافعنا الفطرية أما التعمد في الأكل وعدم ضبط الدوافع بإرادة قوية فإمر مكتسب من الانسان ذاته اذن ليس هناك تعارض بين ارادة الله عزوجل وعلمه الازلي القديم مسبقًا وبين كسب الانسان ، فالله يعذب على المقدور ولايعذب على القدر .
الخلاصة
ان المؤمن الصالح عليه ان يعتقد بالقدر خيره وشره انه من الله ولن يبلغ حقيقة الايمان حتى يؤمن بذلك مع العمل الدائم وعدم التواكل..وليعتمد على سيرة الرسول واقواله حين قال اعرابي للرسول صلى الله عليه وسلم: ارسل ناقتي وأتوكل على الله ؟ قال : بل اعقلها وتوكل
الاصل السادس :العدل والوعد والوعيد
ان قضية الوعد والوعيد أي الثواب والعقاب تعد أصلاً من أصول العقائد الاباضية ، فهي المرتبطة بالعدل الالهي الذي يعطي لكل ذي حق حقه ولا ينسب اليه الجور والظلم تعالى الله عن ذلك ، فلا يحكم على أحد بما ليس أهلاً له ، ولا يفعل بأحد ما لم يكن أهلاً له فحكمه على القاتل بالقتل عدل ، وقطع يد السارق عدل ، ورجم الزاني والزانية عدل ، ووعد الطائع بالجنة عدل ، وتوعد العاصي بالنار عدل وعقاب ان مات بدون توبة . وإلا اصبحت اوامر الله تعالى كاذبة ومتناقضة مع النصوص القرآنية وعدالته المطلقة فالله عادل لايظلم أحد وسوف ينفذ وعيده الخالد الابدي في حق الكافرين العصاة وكذلك سينفذ وعده الخالد الابدي في حق المؤمنين الصادقين ، فألاباضية دحضوا رأي المرجئة والحشوية بالدليل العقلي والنقلي حين زعمت ان الله سيخلف وعيده لأهل الكبائر والعصاة من المسلمين ولايخلف وعده وعللوا ذلك بقوله تعالى :" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعًا انه هو الغفور الرحيم " . ولكنهم اجيبوا بالدليل النقلي في قوله تعالى :" ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين " صدق الله العظيم
الخلاصة
ان الاباضية يرون ان أهل الكبائر من المسلمين بدون توبة كانوا عصاة أو فاسقين فهم مخلدون في النار أبدًا ودائمًا واما المؤمنون فهم مخلدون في الجنة دائمًا وأبدًا
الأصل السابع : الشفاعة
يرى الاباضية ان شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لن تكون لمن مات وهو مصر على الكبائر وانما تكون للمؤمنين كافة لتخفيف عليهم يوم الحشر والتعجيل بهم للدخول في الجنة أو زيادة درجة لبعض المؤمنين الذين ماتوا على الوفاء والتوبة النصوح
الأصل الثامن : خلق القرآن الكريم
الاباضية تؤكد على ان القرآن الكريم كلام الله تعالى وانه مخلوق له تعالى لفظه وكلماته سوره ومعناه الا ما قام الدليل على قدم معناه فقط كلفظ الجلالة والرحمن الرحيم لوصفه تعالى له بكونه منزلاً من عنده وهذه الفكرة مرتبطة بالتصور النقي الخالص لفكرة التنزيه للذات الالهية عن كل مماثلة لما يحتمل تصوره ووجوده من المحدثات الحسية الواقعية فالقرآن الكريم شيء من الأشياء الموجودة فهو يكون محدثًا أي مخلوقًا أو غير محدث والله الخالق لكل شيء والدليل على ذلك قوله تعالى :" انا جعلناه قرآنًا عربيًا " وقوله تعالى :" وجعلنا الليل والنهار آيتين " هذه الآية الأخيرة في غير القرآن من الخلق ثم ان الله عزوجل بين ان القرآن الكريم محدث فقال :" ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون " وقال :" ولقد جئناكم بكتاب فصلناه على علم " وقال في غير القرآن من الخلق :" وكل شيء فصلناه تفصيلا" صدق الله العظيم
في هذه القضية قضية الكفر والايمان التي أثيرت في الفكر الإسلامي : هل المسلم اذا ارتكب كبيرة من الكبائر يفقد صفة الإيمان ؟
فيقول الاباضية في خذه القضية : أن من أقر بوحدانية الله ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه ضيع الفرائض الدينية أو ارتكب كبائر ، فتسميه موحدًا وليس بمؤمن ولا بمشرك وان مرتكب الكبيرة يعد كافر كفر نعمة وليس كافر كفر شرك لقوله تعالى :" ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الكافرون " وقول الرسول :ليس بين العبد والكفر الا تركه الصلاة
فالكفر عند الاباضية ينقسم الى
كفر نعمة ونفاق : يتمثل في المسلم الذي ضيع الفرائض الدينية أو ارتكب الكبائر وأجمع بينهما
كفر شرك وجحود :ويتمثل في الانسان الذي يجحد بالله وآياته ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهنا يعد خارجًا عن ملة الاسلام
فرأي الاباضية واضح جدًا في شأن المسلمين فهي تعدهم في الملة الاسلامية وتجري عليهم احكام المسلمين ويحرم ان تستحل دماؤهم وأموالهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها ) فهم لا يختلفون عن اخوانهم الاباضية في العقيدة الاسلامية وجوانبها الاجتماعية